الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة «العين الحمراء» تزور المدرسة الابتدائية ببوجليدة: طموحات بريئة للتلاميذ تصطدم بلا مبالاة الساسة

نشر في  24 سبتمبر 2014  (12:56)

بعيدا عن عالم السياسة وأطماعه، تنقل فريق من مبادرة «العين الحمرا» التي أطلقها الكاتب كمال الرياحي لدعم مدارس القرى النائية الى المدرسة الابتدائية ببوجليدة بولاية سليانة حيث قام بتسليم مجموعة من الحقائب المدرسية والميدعات والأدوات المدرسية للمحتاجين من التلاميذ.

وتخلل الزيارة لقاء مع تلاميذ السنة السادسة الذين عبروا عن أحلامهم المهنية، فهذه تريد أن تصبح معلمة وأخرى عالمة آثار، وهذا يريد أن يصبح طبيبا بيطريّا أو مهندسا.. واستمع التلاميذ الى مداخلات فريق «العين الحمرا» الذين أكدوا أهميّة الدراسة والعلم والمعرفة كسبيل للنجاح في الحياة..

من هنا تخرج الروائي والقاضي

واستحضر الرواني كمال الرياحي ـ وهو أصيل المنطقة ـ ذكريات من طفولته عندما كان يسلك يوميا قرابة 6 كيلومترات مشيا على الأقدام بين مسقط رأسه «المنافيخ» و«بوجليدة» حيث المدرسة من أجل التعلم، ولم تمنعه لا الظروف المناخية ولا وعورة الطريق ولا الظروف المادية من التمسك بحبل العلم الذي فتح له دروب التميز والنجاح.. وضرب كذلك مثال القاضي عمر الوسلاتي الذي كان يسكن في منطقة جبلية تبعد قرابة 6 كلم على مدرسة بوجليدة وتمكن بفضل مثابرته وعزيمته من تجاوز كل الصعوبات حتى وصل الى مرتبة القاضي..

مدير المدرسة: هذه حاجياتنا لمجابهة لفيح الشتاء

وفضلا عن ذلك، تحدث لنا مدير مدرسة بوجليدة السيد فرج الوسلاتي عن حاجيات هذه المدرسة التي تعد قرابة 120 تلميذا على غرار بعث مكتبة للمطالعة و«سخانات» لمجابهة البرد أو أحذية شتائية تقي التلاميذ من صعوبة الاوضاع المناخية وأضاف مدير المدرسة أن دور المجتمع المدني هام في دعم ومساندة مدارس المناطق النائية ليعاضد دور الدولة التي تهتم بالمسائل الكبرى كالبنية التحتية وغيرها..

وفي المدرسة إستمعنا أيضا الى شهادات عدد من المدرسين الذين عبّروا عن شغفهم بتدريس أبناء المنطقة رغم صعوبة الظروف وروى لنا أحد المعلمين أنّ تلميذا إضطرّ إلى قضاء ليلة كاملة متعلقا بجذع شجرة بعدما فاض واد المنطقة، داعيا الى ضرورة حماية الطفولة التي تدرس في المناطق المهمشة من مخاطر فيضان الوديان والحيوانات المتوحشة..
ودار الحديث مع الإطار التربوي لمدرسة بوجليدة حول إمكانية ترميم فضاء وتحويله إلى مكتبة بفضل مساندة مبادرة «العين الحمرا» التي ستعمل على توفير الرفوف والطاولات والكراسي والقصص مع العلم أن شاعرة تونسية تبرعت بمبلغ قدره ألف دينار وبمصاريف العشب الطبيعي لساحة مكتبة بوجليدة، وهي خطوة أولى ستليها خطوات أخرى تهدف إلى دعم الثقافة والعلم كدرع في وجه كل الاخطار المتربصة بالأجيال الصاعدة..

حتى لا ننسى الحق في الثقافة

غادرنا مدرسة بوجليدة في اتجاه بوعرادة ثم الفحص ومنها الى تونس العاصمة يحدونا أمل كبير بخصوص الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني والفعل الثقافي في إنارة السبيل وفي توفير دروع ضدّ التطرّف والتشدّد الذي أصبح يهدّد البلاد.. غادرنا بوجليدة وفي ذهننا مطلع تفاؤلي من قصة قصيرة كتبتها التلميذة براءة بوحجر يقول :« أرسلت غزالة الكون أشعتها الذهبية، فبشرت بميلاد يوم جديد وصافحت أشعتها قمم الجبال» .. فياليت تكتب لكلّ طفل تونسي مهما كان إنتماؤه الجغرافي نفس الحظوظ في التعلم والتداوي والترفيه.. هذا إلى جانب حقه في الثقافة مثلما نصّ عليه الدستور التونسي وإلّا فما معنى لهذا الدستور الذي صغناه إذا بقي عدد هام من التونسيين يعيشون على الهامش؟

شيراز بن مراد